أنا الإنسانية (خاطرة) للأديبة الفلسطينية الرائعة أ/ نجاة كلش
أنا الإنسانية (خاطرة) أنا المشاعر والأحاسيس الصافية الحقيقية.. أنا العواطف السامية الطاهرة النقية.. لا أعرف لونا ، ولا عرقا، ولا جنسا ، ولا هوية.. مَن استوطنْتُ قلبه وتربعتُ فيه ؛ فهو إنسان مكرّم من رب البريّة، ومَن كان مجرّدا مني ؛ فهو كالحجارة أو أشدٌ قسوة ، أو كالأنعام، أو أضلّ سبيلاً ، وقد فقد الآدميٌة.. أراني الآن وقد أصبحت غريباً عن هذا العالم الواسع ، وتائها في الطرقات والدروب، فقد ضقت بنفسي ، وضاقت بي الأرض والجبال، والبحار ، والبرّيّة.. ففي كل يوم ، وفي كل لحظة أرى مناظر ،ومشاهد، ، ومواقف تقشعرّ لها الأبدان ، وتندى لها جبين الإنسانية ، وتنفطر لها القلوب السليمة النقية.. فهذا طفل مقطّع الأوصال ، ومجهول النسب والهوية.. وهذه طفلة رضيعة دامية الوجه، لا تعرف أمّا ولا أبا ؛ فقد قضيا بنيران حاقدة حيوانيّة.. وتلك صبيّة تحضن النعل لمن كان يوماً زوجا وحبيبا ، فغُيّب عن الحياة بكل وحشية.. وذلك شيخ يداعب روح الروح بحب وحنان ، وكأن الروح ما زالت في الجسد حيّة نديّة.. وتلك أم تذرع الأرض باحثة عن جميلها الأبيض ذي الشعر المموّج بجمال وجاذبية.. وذاك سند يحمل عزيزة غرقت في خيام...